التوحد والعلاج التربوي

التوحد والعلاج التربوي

تقديم
فيصل مقضب الظفيري

 التوحد هو اضطراب في النمو العصبي يؤثر على التطور في ثلاثة مجالات أساسية كالتواصل، والمهارات الاجتماعية، والتخيل ، ولا يرتبط بعرق أو طبقة اجتماعية محددة، والجدير بالذكر ان تلك الأعراض تتفاوت بشدتها وأشكال ظهورها من طفل إلى أخر.

قدم كثيرًا من المختصين أو المهتمين بمجال التوحد فرضيات علاج للشفاء من اضطراب التوحد ، إلا أن مع مرور الوقت ومع استخدام تلك العلاجات على حالات أخرى ثبت عدم جدواه ، لذا ليس هناك علاج يؤدي للشفاء نهائيًا من التوحد ، بالمقابل لا يمنع ذلك استخدام التوحديين للعقاقير ، أو الحميات الغذائية للحد من التوترات النفسية أو العصبية.

لكن لا شك ان العلاج التربوي المتمثل بالبرامج التربوية الفردية يعتبر أهم عنصر في معالجة الطفل التوحدي ،إلا ان لا يوجد برنامج تربوي بوجه الخصوص يناسب جميع الأطفال التوحديين، وهذا باعتقادي طبيعي ، وذلك بسبب تفاوت حدة اعراض التوحد من طفل لآخر، والفروق الفردية فيما بينهم ، واختلاف حاجاتهم أو اهتماماتهم ، ولا توجد حالة توحد تشبه الأخرى تمامًا، ذلك الأمر الذي جعل من البرامج التربوية ذات فلسفة قائمة على الفردية ، بمعنى أن لكل حالة توحد برنامج تربوي خاصة يُعد من قبل مختصين ومؤهلين ذات تخصصات متنوعة ، يحكم تنوعها قدرات الطفل التوحدي.

وقبل الخوض بطبيعة البرامج التربوية الفردية المعدة للتوحديين ، هنالك عدة برامج تربوية أثبتت فعاليتها خلال دراسات علمية موثقة ومنها : تيتش ، لوفاس ، دوغلاس ، ليب ، هيقاشي، وسن رايز، مع الملاحظة نجد أن تلك البرامج الناجحة في تعليم الأطفال التوحديين جميعها تولي اهتمامًا خاصًا لتدريب الأسر ودعمهم منذ بداية مراحل تطبيق البرنامج، حيث يكون للأسرة دوراً مهمًا في عملية تعليم الطفل مراحل التعليم كافة، وهذا أمر ينبغي على جميع المختصين الذين يتعاملون مع الأطفال التوحديين التركيز عليه مع دعم الأسر وتدريبها على ما يتوجب القيام به.

ومن جانب آخر هناك برامج تربوية فردية تعُد لكل طفل توحدي تمثل جانب علاجي تربوي، بالإضافة على انها تمثل حجر الزاوية في تعليم الطفل التوحدي وتعديل سلوكه ، وتشتمل على فريق متعدد التخصصات والأسرة ، ، حيث تحوي مكوناتها على المعلومات العامة للطفل من مستوى الاضطراب وتاريخه ، وسنة التحاقه بالبرنامج، بالإضافة إلى التقييم الأولي للطفل من حيث قدراته العقلية وسلوكه التكيفي الاجتماعي ومهاراته اللغوية وقدراتهم الحسية والحركية والإدراكية ، أو اية قدرات أو خصائص شخصية ذات أهمية ، ثم التعرف على سلوكه المدخلي ، وقياس مستوى أدائه الحالي، ثم وضع الأهداف التربوية العامة ، وبناء على تلك الأهداف التربوية العامة تبنى خطة تعليمية مشتقه أهدافها التعليمية من الأهداف العامة بشكل إجرائي مراعيًا به شروط صياغة الهدف وتحليل المهارة المراد كسبها للطفل، ثم تحديد أساليب التقويم التي سيتم تطبيقها لقياس تحقق تلك الأهداف.

ولتحقيق برامج تربوية فردية ناجحة للطفل التوحدي لابد التركيز على المهارات التواصلية والاجتماعية عند تصميم البرنامج، وتوظيف أساليب تعديل السلوك في البرامج التربوية، والتركيز ايضاً على التعليم المكثف على مدى اليوم الدراسي خاصة على المهارات اللغوية والاجتماعية واللعب الجماعي، والسعي على دمج التوحديين في المدراس العادية، مع التأكيد على مشاركة أسرة الطفل التوحدي في إعداد وتنفيذ وتقويم البرامج التربوية الفردية، ولا شك من الاعتبارات الأساسية لنجاح البرنامج هي تقييم فعالية البرنامج بشكل مستمر قبل وبعد تنفيذه والتعديل عليه إن توجب الأمر ذلك.

واخيرًا العلاج التربوي للطفل التوحدي يتطلب بالمقام الأول التدخل المبكر ، ثم ان البرامج العلاجية التربوية تختلف من نموذج إلى أخر من حيث الفلسفة الأساسية وكيفية التطبيق، وبالرغم من هذه الاختلافات الظاهرة ،إلا ان حين يتم تطبيقها بشكل جيد من قبل المختصين وتفاعل جيد من قبل الأسرة  تؤدي إلى نتائج إيجابية مع الأطفال التوحديين ومنها ارتفاع درجة الذكاء ، وتطور مهارات التواصل والمهارات الاجتماعية ، والتخفيف من شدة اعراض التوحد إلى حد كبير مما يجعل الطفل التوحدي بالقرب من درجة الطفل العادي، ولا شك أن العلاج التربوي يهدف بالمقام الأول إلى دمج التوحديين في المجتمع ودمجهم في المدارس العادية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تـابعنـا على

التصنيفات

Twitter feed is not available at the moment.