فاعلية برنامج قائم على استراتيجية التنازل المتبادل لخفض حدة الاضطرابات الأسرية لدى عينة من آباء المعاقين عقليا وأثره على بعض جوانب السلوك التكيفي للأبناء

د. مروه طارق

دكتوراه الفلسفة في التربية (صحة نفسية وإرشاد نفسي)

مقدمة:

تعد الحياة الأسرية عاملا هاما من عوامل السعادة الشخصية والرضا، ويزداد وزنها في تحقيق ذلك إذا اتسمت العلاقات فيها بالاستقرار والتكامل، والزواج باعتباره الخطوة الأولى في تكوين الأسرة قد يحالفه التوفيق إذا تحقق له التوافق بين الشريكين.. وقد يصيبه الفشل إذا جانبه هذا الشرط الأساسي.

     وتحدث الأزمة بين الزوجين Marital Crisis عندما يظهر عائق يمنعهما أو يمنع أحدهما من إشباع حاجات أساسية أو تحقيق أهداف ضرورية أو تحصيل حقوق شرعية، فيشعر بالحرمان والإحباط، ويدرك التهديد وعدم الأمن في علاقته الزوجية، وينتابه القلق أو الغضب في تفاعله الزواجي، ويسوء توافقه مع الطرف الآخر (عايدة شكري حسن، 2001، ص 42)

     وقد يثار لدى الزوجين مشاعر يمتزج فيها الخوف بالألم وخيبة الأمل والشعور بالذنب والارتباك والحرج والعجز والقصور في العلاقة الزواجية ، إذ يحدث غالبا أن تؤثر عناية الأم المستمرة للابن ، وخاصة إذا جاء هذا الابن مصابا بشكل ما من أشكال القصور في النمو أو الإعاقة ، حيث قد يؤثر ذلك سلبا على دورها كزوجة ، وعلى الإيفاء باحتياجات الزوج والوفاء بالتزاماتها تجاهه ، وقد يفترض الزوج بأنه لم يعد مقبولا في المنزل ، وعند ذلك يجد مبررا كافيا لأن يتهرب من المسئوليات المطالب بها كزوج ، وقد يسيطر على الزوجة الشعور بالوحدة في خضم مسئولياتها عن رعاية الطفل المعاق وتلجأ إلى تبني دور غير طبيعي مع الزوج وباقي أعضاء الأسرة ، مما يزيد من تحطيم النظام الزواجي والأسري ككل

      ووجود طفل معاق عقليا على وجه الخصوص في الأسرة يسبب ارتباكا في توازنها واتساقها الداخلي، فقد تنشأ صراعات مستترة ومعلنة حول سبب مجيء هذا الطفل، وكل من الزوج والزوجة يلقي باللوم على الطرف الآخر، ويمتد ذلك التشاحن لفترات طويلة خلال المراحل اللاحقة من عمر الابن، بما في ذلك إشكاليات رعايته والإنفاق عليه

     وتؤكد دراسة قام بها رود ريج Rodrigue., 2009 أن والدي الطفل المعاق عقليا يعانون من خللا في التوافق الزواجي، وتظل بينهم حالة من الصراع الأسري، وأقل في الرضا الاسري بشكل عام وتمزقا في الأنشطة الأسرية مقارنة بوالدي الأطفال الأسوياء

      ويشير كرينك وآخرون Cranic، et., al 2003 إلى أن شعور الأبوين بالصدمة التي يسببها وجود طفل معاق عقليا في الأسرة وما يترتب عليه من اضطراب العلاقة بينهما تتعلق أساسا بعملية التقدير المعرفي Cognitive Appraisal وبالجهاز الشامل للاعتقادات عن مثيرات الضغط ، حيث أن إدراك الزوجين للأزمة والاستجابة لها مسألة نسبية وتختلف من زوج إلى آخر بحسب عتبة التأزم ، فالأزمة ليست أزمة في ذاتها ولكنها بحسب إدراك كل من الزوجين للحادث الضاغط وتفسيره لها وانفعالاته به واستجاباته له

    إن وجود الإعاقة في الأسرة يعتبر من العقبات التي تتصدى لسيرورة الأسرة، حيث تتطلب التكيف معها، هذا التكيف هو عملية تفاعلية يتغير على إثرها نظام الأسرة ككل، حيث يتلقى الأبوان أخبار مثيرة تغير عاداتهم ورغباتهم وكذا مشاريعهم.. إذ تستلزم السرعة في إعادة بناء سلوكهم.

      كما أن الإعاقة تؤثر على الأبوين من حيث أن إنجاب طفل سوي ومستحسن من طرف الآخرين، يزيد من قيمة الأبوين واعتزازهما، أما المعاق فيسبب جرح نرجسي، ويتفق الكثير من علماء النفس على هذا الرأي، حيث أن قصور الطفل يمس الأم في نرجسيتها وكل إنقاص من قيمته مس بشخصيتها الخاصة

     كما أن ميلاد طفل معاق هو دائما جرح نرجسي بالنسبة للأبوين، كما أن الإعاقة مهما كانت درجتها تتسبب في شعور الأبوين بالذنب، إما لعدم قدرتهما على إنجاب طفل سوي أو عجزهما عن حمايته ورعايته، كما أن لدى الأبوين شعور داخلي بأنهما مسئولان عن حالة الطفل (ليلى سليمان مسعود، 2004)

     كما أن حاجة الطفل المعاق إلى الآخر، وخاصة إذا كانت استقلاليته منعدمة، يتطلب باستمرار تجنيد شخص من الأسرة معه وغالبا ما تكون الأم، مما يدفعها إلى إهمال مجالات أو علاقات أخرى، كالعلاقة الزوجية أو علاقتها مع الأطفال الآخرين، فقصور الطفل يفرض على الأسرة إعادة تنظيم حيث أن الفراغ الذي تتركه الأم بسبب اهتمامها به سيعوض بطريقة ما لإعادة إيجاد التوازن

       ويعتقد مارش Marsh., 2002 أن وجود طفل معاق في الأسرة يحتمل أن يكون حدثا ضاغطا يحدث إزعاجا كبيرا لكل أعضاء الأسرة تقريبا باعتباره يمثل حدثا غير متوقع، في ظل عدم وجود خبرة لأعضاء الأسرة بطبيعة هذا الحدث، وحيث ان هناك تغييرا وتبديلا يظهر على وظائف وأدوار الأسرة التي لديها طفل معاق، كما يتأثر النظام الاقتصادي والاجتماعي والنفسي وتحتاج الأسرة إلى وقت للتكيف مع هذه التغيرات التي طرأت على وظائفها وأدوارها            (خليل عبد الرحمن المعايطة، 2014)

      ويؤكد فخر الدين جنيد 2006 أن للأسرة أثر بالغ في رسم حاضر ومستقبل الطفل المعاق التربوي والمهني، ولا شك أن وجود طفل معاق في الأسرة يعتبر صدمة قوية لأفرادها ، مما يولد ردود فعل متباينة قد تؤدي في بعض الأحيان إلى انهيار الأسرة وعدم التوافق بين افرادها .

     كما تلعب التفاعلات السلوكية في الأسرة دورا هاما في نمو شخصية الطفل المعاق وتطورها ويبدأ الوالدان في إظهار استجابات أخرى كالإهمال والنبذ وما إلى ذلك تجاه طفلهما المعاق مما يؤدي لعدم التوافق وظهور العلاقات السلبية التي يمكن أن تنمو في محيط الأسرة (عبد الرحمن العيسوي، 2005)

     إن العلاقة الزوجية مؤسسة تقوم على الحب والاحترام والتفاهم العميق المشترك، وأنه لمن الحكمة أن يتم تجاوز الحواجز والعقبات الصعبة التي تواجه الحياة الزوجية، والتفكير بحل سليم يرضي الطرفين، فالإختلاف الدائم في الرأي يؤدي غالبا إلى اختلاف القلوب ، فلابد إذا من تبادل الرأي ، ولابد أن يشعر كل واحد بأنه مشارك في الحياة الزوجية وأنه غير مهمل . (مأمون مبيض، 2000)

     من هنا كانت فكرة التنازل المتبادل reciprocal concessions، وهي تعني أنه كلما يتعذَّر الوصول إلى حُلول حاسمة وقاطعة، بسبب تعارض الرغبات والمصالح والدوافع. وعندئذ، لا بُد من اعتماد أنصاف الحُلول، وتقديم تنازلات مُتبادلة، مِن أجل ضمان سَير القطار الاجتماعي وعدم توقُّفه، وينبغي أن تظل التنازلات بعيدةً عن المبادئ، لأن التنازل عن المبادئ انهيار شامل، أمَّا التنازل عن بعض الأدوات والسياسات فيمكن القَبول به، إذا كان يُحقِّق المصلحةَ للجماعة، ويجلب النفعَ للفرد.

وفي هذه الحالة، ينبغي تكريس وَحدة المصير الجامع بين الفرد والجماعة، لأنَّ المصير الواحد، يجمع الأطراف المختلفة، كما أن التهديد المشترك يجمع المُتضررين، على اختلاف أفكارهم وتوجُّهاتهم. والمصائب تَجْمَع المُصابين

     وتنهض فكرة او استراتيجية التنازل المتبادل على أن يتنازل طرف ما من الطرفين عن سمة كبيرة متفق عليها بعد مداولات بشأنها، فإذا ما اتفق عليها كانت الاشياء الصغيرة أهون في الموافقة ، ويجب على الطرفان أن يقبلا ذلك ، وتمر المرحلة التبادلية تلك بثلاث مراحل : الرفض – الاعتدال – الحث على الامتثال (Cialdini , R., 2006)

      وفي سياق مغاير يرى البعض أن التنازلات في الحياة الزوجية تعتبر سدا منيعا أمام تفاقم المشاكل الزوجية التي قد تصل إلى الباب المسدود وبالتالي الوقوع في أبغض الحلال، يرى البعض الآخر أن التنازل بين الزوجين لا يمكن إجادته لأنه سيسهم في استئساد طرف على الطرف الآخر وبالتالي سيادة الظلم تحت سقف الزوجية الذي يفترض فيه أن تعم أرجاءه المودة والرحمة بدل الظلم والإهانة.

      وأمام اختلاف وجهات النظر تجاه التنازلات بين الزوجين تبقى للتجارب بصمتها في تقييم الآراء، كما تعتبر آراء المستشارين المختصين في قضايا الأسرة منارا يستنير به السائرون في درب بناء أهم نواة في المجتمع وهي الأسرة.

وحسب المصطفى يطو المختص في علم النفس والتنمية الذاتية فإن موضوع التنازلات يشكل 50 في المائة كسبب من أسباب الخلافات الزوجية والطلاق

      والدراسة التي نحن بصددها تسعى جاهدة لتطبيق هذه الاستراتيجية كحل بديل لتخفيف الاضطرابات الأسرية، ثم أثر ذلك على بعض جوانب السلوك التكيفي للأبناء ذوي الإعاقة العقلية

مشكلة الدراسة:

     كثيرا من الإخفاقات والصراعات الأسرية تكون منشأها عدم التفاهم بين الزوجين حول طريقة تنشئة ومعاملة الابن ذوي الاحتياجات الخاصة عموما.. والمعاق عقليا على وجه الخصوص، وتحميل كل طرف مسئولية وصول هذا الابن المعاق

     هذا يستتبع بدوره إحداث تأثير ملازم لسوء السلوك التوافقي أو التكيفي من الابن المعاق عقليا نظرا لرؤيته حالة الصراع الزواجي والاسري بين الوالدين، وكثيرا منهم يدركون أنهم سبب هذا الخلاف والصراع، والباقي قد لا يعي ذلك ، ويؤثر هذا الخلاف على الحالة النفسية والسلوكية لهذا الابن فيتأثر سلوكه تبعا لذلك وتظهر عليه بعض الأعراض اللا سوية إما في نطاق المنزل او نطاق المدرسة

     وللتعامل مع تلك الأزمة كونها مستمرة لابد من تقليل الفجوة الوجدانية المعرفية بين الزوجين والوصول غلى نقطة التقاء (تفاهم) يبنون عليها مدركاتهم حول الأزمة الأسرية الراهنة

      ولا شك ان حياة الإنسان مليئة بالعقبات والمشكلات، ولعل أشدها وأخطرها مشكلات الحياة الأسرة ، وما تسببه من منغصات انفعالية وسلوكية على حياة جميع الأطراف داخل تلك الأسرة ، فلما يكون هناك ابن ذو احتياجات خاصة تزداد المشكلات والصراعات حول طرق الاهتمام والعناية والرعاية له .

     وتعتبر الأسرة عاملا هاما للضبط والأمن الاجتماعي المتمثل في الالتزام الديني واحترام القانون وتقبل الآخر المختلف والتوافق والتكيف معه، وتسهم في تشكيل اتجاهات الأسرة الإيجابية نحو إنجاز أبنائهم، ويعد التوافق الزواجي نوعا من أنواع التوافق الاجتماعي وهو رضا متبادل بين طرفين (الزوج والزوجة) وقبول أحدهما للآخر، وعدم وجود هذا التوافق سوف يظهر العديد من المشكلات

    والتوافق الزواجي والتغلب على الاضطرابات الأسرية هو قدرة كل من الزوجين على دوام حل الصراعات العديدة، ويتصل بالتوافق من الناحية العاطفية والتوافق الاقتصادي والثقافي، وتقبل كل من الزوجين للاختلافات الفردية الموجودة بينهما، فهو ما يحدث من تعديلات في السلوك

بعد الزواج ، فالتوافق الزواجي يشير للحالة التي تكون فيها المشاعر عامة لدى الزوج والزوجة من السعادة والرضا في زواجهم من جهة ، وفي علاقته مع الطرف الآخر من جهة أخرى   (أحمد الصمادي ، 2005)

وتسعى الدراسة الراهنة إلى التقليل من حدة الإضطرابات الأسرية بين الزوجين عن طريق إستراتيجية التنازل المتبادل وأثرها على السلوك التكيفي للأبناء من ذوي الإعاقة العقلية

ويتبلور السؤال الرئيسي هنا في

ما مدى فاعلية إستراتيجية التنازل المتبادل في خفض حدة الاضطرابات الأسرية وأثرها على السلوك التكيفي للأبناء؟

ويتبلور من هذا السؤال:

  • هل توجد فروق دالة إحصائيا بين المجموعتين التجريبية والضابطة من الوالدين بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل على أبعاد مقياس الاضطرابات الأسرية؟
  • هل توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الوالدين قبل وبعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل على أبعاد مقياس الاضطرابات الأسرية؟
  • هل توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الوالدين بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل على أبعاد مقياس الاضطرابات الأسرية، وبعد فترة التطبيق التتبعي؟
  • هل توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة من الأبناء المعاقين عقليا على دليل ملاحظة السلوك التكيفي بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل للوالدين؟
  • هل توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الأبناء المعاقين عقليا على دليل ملاحظة السلوك التكيفي قبل وبعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل للوالدين
  • هل توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الأبناء المعاقين عقليا على دليل ملاحظة السلوك التكيفي بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل للوالدين وبعد فترة التطبيق التتبعي ؟

أهمية الدراسة:

الأهمية النظرية

الأهمية النظرية: وتتحدد من خلال عمل البرنامج الخاص بأنشطة التنازل المتبادل الذي يتم دراسة مدى فاعليته لتخفيف حدة الاضطرابات الأسرية لدى آباء المعاقين عقليا، وأثره على جوانب من السلوك التكيفي للأبناء

الأهمية التطبيقية: وهي تتحدد بمدى استفادة الأبناء المعاقين عقليا (القابلين للتعلم) من البرنامج القائم على أنشطة التنازل المتبادل للآباء في بعض جوانب السلوك التكيفي لهم، كما تتبلور الأهمية التطبيقية من خلال تصميم الباحثة لمقياس الاضطرابات الأسرية وعمل برنامج قائم على أنشطة التنازل المتبادل للوالدين الذين لديهم ابن معاق عقليا ، كما يتحدد من خلال أيضا تصميم دليل ملاحظة لقياس السلوك التكيفي للمعاقين عقليا .  

هدف الدراسة

    تسعى الدراسة الراهنة للكشف عن مدى فاعلية إستراتيجية قائمة على التنازل المتبادل لخفض حدة الاضطرابات الأسرية لدى عينة من آباء المعاقين عقليا وأثره على بعض جوانب السلوك التكيفي للأبناء .

مصطلحات الدراسة:

التنازل المتبادل reciprocal concessions

يشير أوكييف O’Keefe، D., 2009 إلى أن تلك الإستراتيجية تتبع فنيتين منتهى الأهمية وهما القدم في الباب، والباب في الوجه، وهذه الإستراتيجية تقدم تنازلات مشروطة تنبع من القوة والإرادة الإنسانية المتبادلة ضمن أطراف التنازل

    وفي الدراسة الراهنة هو عبارة عن أنشطة هادفة تقدم للوالدين الذين لديهم أبن معاق عقليا وتسعى إلى تبصيرهم بالتنازلات الإيجابية لكلا منهما من أجل التغلب على الاضطرابات والصراعات الأسرية الناجمة عن وجود الابن المعاق عقليا.

الاضطرابات الأسرية The Family Disorders

      تعرف الاضطرابات الأسرية على مستوى التصورات والمكانات بأنها التنازع على السلطة الأسرية دون اعتبار للمكانة والأهمية، وكل سلوك يقابله من الطرف الآخر رد فعل أقوى منه وتؤدي تلك الاضطرابات لكثير من الأزمات على مستوى السلوك الفردي أو مستوى السلوك الأسري

     وفي الدراسة الراهنة تعرف الاضطرابات الاسرية بأنها مجموع الدرجات الدالة على المقياس محل الاهتمام المطبق على الوالدين الذين لديهم ابن معاق عقليا

السلوك التكيفي Adaptive behavior 

       يشير السلوك التكيفي إلى الاستقلال الذاتي وقدرة الشخص على تحمل المسئولية الاجتماعية المتوقعة ممن هم في عمره ومن مجموعته الثقافية، ويقاس السلوك التكيفي بأدوات عديدة أهمها : مقياس السلوك التكيفي الذي اعدته الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي والذي يقيس الجزء الأول منه الجوانب التالية : الأداء المستقل – النمو الجسمي – النشاط الاقتصادي – النمو اللغوي – الأرقام والوقت – النشاط المهني – التوجيه الذاتي – تحمل المسئولية – النضج الاجتماعي . (قرة لطفي، 2016)

      وفي الدراسة التي نحن بصددها يعرف السلوك التكيفي بأنه مجموع الدرجات المنشقة من دليل ملاحظة السلوك التكيفي للأبناء المعاقين عقليا.

آباء المعاقين عقليا Parents of the mentally handicapped:

       وهم مجموعة الآباء والأمهات الذين لديهم أبناء مصابين بالإعاقة العقلية ممن يعيشون معا في منول واحد، وعلى درجة من التعليم، وتتراوح نسبة ذكاء أبنائهم المعاقين عقليا ما بين 50 – 70 درجة، ويقعون ضمن فئة القابلين للتعلم

دراسات سابقة:

 دراسة جيمس كايل Kyle , J., 2000  التي هدفت إلى فحص الجوانب النفسية للتنازل المتبادل من خلال تقنية الباب في الوجه ، على أساس أنه طلب تسلسلي يقوم فيه أحد الأشخاص (المصدر) بتقديم طلب كبير ، من أجل زيادة الامتثال من الطرف الآخر ، وتصير النتيجة أنه لو تم الرفض يتم تقديم طلب أصغر (مستهدف) حتى يتم التوافق بين الطرفين ، وهذه النتيجة مشبعة لرضا العملاء في المواقف المتقابلة .  

     في حين قدمت دراسة قامت بها كوم وريتا Komorita , E., 2005  حول فاعلية التنازل المتبادل في الحصول على الامتيازات المطلوبة ، تكونت عينة الدراسة من 207 طالبة جامعية تم إخضاعهم لتجارب تعبر عن مواقف تنازل من خلال جلسات تفاوضية ، وتم تسجيل النتائج بشكل آلي ، أكدت النتائج أن المعاملة بالمثل أثبتت نجاحا وفاعلية حينما تم تبادل الامتيازات .

      وقد هدفت دراسة داليا نبيل حافظ 2007 إلى الكشف عن مدى انتشار الأفكار اللاعقلانية لدى آباء وأمهات المعاقين عقليا من خلال المقارنة بين مجموعة من آباء وأمهات لأبناء معاقين عقليا.. وأخرى لأباء وأمهات أبناء طبيعيين، وكذلك التعرف على مدى العلاقة الارتباطية بين هذه الأفكار اللاعقلانية وسوء التوافق الزواجي لدى آباء وأمهات المعاقين عقليا للوقوف على دور هذه الأفكار باعتبارها وسيطا معرفيا في العلاقة بين وجود طفل معاق عقليا في الأسرة وبين اضطراب العلاقة الزواجية بين الوالدين، تكونت عينة الدراسة الكلية من 162 من الآباء والأمهات من المعاقين عقليا ومن العاديين تراوحت أعمارهم ما بين 30 – 45 عاما وتم استخدام أدوات مقياس الأفكار اللاعقلانية.. واستبيان التوافق الزواجي.. ومقياس للمستوى الاجتماعي الاقتصادي، وتوصلت الدراسة للنتائج وجود فروق دالة إحصائيا بين متوسطات درجات كل من آباء وأمهات الأبناء المتخلفين عقليا.. وآباء وأمهات الأبناء العاديين في درجة سوء التوافق الزواجي، لصالح آباء وأمهات الأبناء المعاقين عقليا.

      وفي محاولة للتعرف على طبيعة التفاعلات الزوجية لدى آباء وأمهات المتخلفين عقليا من حيث مقاومة الشعور بالاستياء والتكيف مع المشكلات الحياتية والضغوط الأسرية المصاحبة لوجود طفل متخلف في الأسرة قام كوستيجان Costigan ., 2007  بدراسة على عينة قوامها 217 أسرة ومقسمة لمجموعتين (تجريبية =165 أسرة متطوعة من ذوي الأطفال المعاقين عقليا – ضابطة = 52 أسرة لأطفال طبيعيين) وأظهرت نتائج الدراسة أن الشعور بالاستياء الشديد اشترك فيه كل من آباء وأمهات المتخلفين عقليا ، حيث ان التفاعل بين الطفل المعاق ووالديه يستهلك جهودهما في توجيه وتعديل سلوكه المضطرب .. علاوة على أن السلوك الاعتمادي للطفل يأتي على حساب الوقت الذي يقضيه الزوجان معا ، كما أوضحت الدراسة أن والدي الأطفال المتخلفين عقليا كانت تفاعلاتهما تتسم بالإرادة والسيطرة والتحكم وأقل إظهارا للعواطف وذلك مقارنة بأسر الأطفال العاديين .

       ومن أمثلة الدراسات التي أجريت لفحص سوء التوافق الزواجي لدى أسر المتخلفين عقليا دراسة رودريج Rodrigue , J .,2009    والتي فحصت العلاقات الأسرية والزواجية لدى أسر الأطفال المعاقين عقليا ، على عينة قوامها 60 من الأمهات قسمت إلى 3 مجموعات (20 أم لطفل ذاتوي – 20 ام لطفل داون – 20 أم لطفل طبيعي) ، وقد أشارت نتائج الدراسة إلى أن مجموعة أمهات الأطفال الذاتويين والأطفال المصابين بأعراض داون أقل في معدل الرضا الزواجي والتماسك الأسري .. كما أشارت النتائج إلى كثرة انشغال هؤلاء الأمهات بتلبية احتياجات أطفالهن المعاقين ومن ثم انشغالهن عن أزواجهن مما يزيد من معدل الخلافات الزوجية ، كما كن أكثر استخداما للوم النفسي كإستراتيجية للتغلب على المصاعب والمشكلات بالمقارنة بأمهات الاطفال العاديين .

فروض الدراسة:

  • توجد فروق دالة إحصائيا بين المجموعتين التجريبية والضابطة من الوالدين بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل على أبعاد مقياس الاضطرابات الأسرية، لصالح عينة المجموعة التجريبية. 
  • توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الوالدين قبل وبعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل على أبعاد مقياس الاضطرابات الأسرية، لصالح التطبيق البعدي.
  • لا توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الوالدين بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل على أبعاد مقياس الاضطرابات الأسرية ، والقياس التتبعي.
  • توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة من الأبناء المعاقين عقليا على دليل ملاحظة السلوك التكيفي بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل للوالدين، لصالح طلاب المجموعة التجريبية.
  • توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الأبناء المعاقين عقليا على دليل ملاحظة السلوك التكيفي قبل وبعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل للوالدين لصالح التطبيق البعدي.
  • لا توجد فروق دالة إحصائيا بين أفراد المجموعة التجريبية من الأبناء المعاقين عقليا على دليل ملاحظة السلوك التكيفي بعد تطبيق برنامج أنشطة التنازل المتبادل للوالدين وبعد فترة التطبيق التتبعي؟

منهج الدراسة:

        تعتمد الدراسة الراهنة على المنهج التجريبي، من خلال الكشف عن فاعلية برنامج قائم على إستراتيجية التنازل المتبادل للتخفيف من حدة الاضطرابات الأسرية لدى عينة من آباء المعاقين عقليا.. وأثره على السلوك التكيفي لدى الأبناء من ذوي الإعاقة العقلية، وقد قامت الباحثة بتقسيم عينة الدراسة إلى مجموعتين متساويتين إحداهما تجريبية تم تطبيق البرنامج عليها، والأخرى ضابطة لم يطبق عليها البرنامج.

عينة الدراسة:

    تتكون عينة الدراسة من 20 من الآباء والأمهات الذين لديهم أبناء معاقين عقليا، يراعى التكافؤ بينهم في العمر والمستوى الاجتماعي الاقتصادي  وحالة الاضطرابات الأسرية وانخفاض السلوك التكيفي لأبنائهم ، من إحدى مؤسسات التربية الفكرية بمحافظة القاهرة ، يتم تقسيمهم (مجموعة تجريبية – مجموعة ضابطة) .

أدوات الدراسة:

  • استمارة المستوى الاجتماعي الاقتصادي
  • مقياس الاضطرابات الأسرية لآباء المعاقين عقليا
  • دليل ملاحظة المعلم للسلوك التكيفي للطلاب المعاقين عقليا
  • البرنامج القائم على أنشطة التنازل المتبادل

الأساليب الإحصائية:

  • أسلوب التحليل العاملي Factor analysis، والاتساق الداخلي للتحقق من صدق مقياس الاضطرابات الأسرية، واستمارة المستوى الاقتصادي الاجتماعي الثقافي، ودليل ملاحظة السلوك التكيفي للمعاقين عقليا.
  • معامل ألفا كرونباخ Alpha coefficient لثبات مقياس الاضطرابات الأسرية، واستمارة المستوى الاقتصادي الاجتماعي الثقافي، ودليل ملاحظة السلوك التكيفي للمعاقين عقليا.
  1. اختبار مان وتني Mann – Whitney اللابارامتري لحساب الفروق بين متوسطي رتب درجات أفراد المجموعتين التجريبية والضابطة.
  2. اختبار ويلكوكسون Wilcoxon-test لحساب دلالة الفروق بالنسبة للمجموعات المرتبطة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تـابعنـا على

التصنيفات

Twitter feed is not available at the moment.