حقوق أولياء أمور الطلاب ذوي صعوبات التعلم عند المشاركة في البرنامج التربوي الفردي

حقوق أولياء أمور الطلاب ذوي الإعاقة عند المشاركة
في البرنامج التربويي الفردي

تقديم
كريمة بنت خميس المالكي

أكدت رؤية المملكة 2030 (2016) ضمن مبادرة ارتقاء والوثيقة الإعلامية برنامج تنمية القدرات 2021-2025 على وجوب وأهمية مشاركة الأسرة باعتبارها شريكًا هامًّا وأساسيًّا مع المدرسة في تعليم أبنائهم الطلاب ومنهم طلاب صعوبات التعلم، فالأسرة مصدر أساسي لكثير من المعلومات الهامة عن الطالب وسلوكه داخل وخارج المدرسة، فهي تقدم معلوماتٍ، منها ما يرتبط بتحديد احتياجات الطالب التربوية الفردية، ومنها ما يرتبط بتحديد الأهداف والمساندات اللازمة له داخل المدرسة؛ لذلك يجب مشاركة الأسرة بشكل فاعل في التخطيط مع فريق العمل خلال جميع مراحل إعداد وتنفيذ وتقويم البرنامج التربوي الفردي Individualized Education Program (IEP)، ويمكن تحقيق ذلك من خلال مراعاة الحقوق والمسؤوليات. إلا أن مشاركة الوالدين في تنفيذ البرنامج تُعَد قضية تربوية أشارت إليها العديد من الدراسات بالمملكة (أبونيان والجلعود، 2016؛ جبرة والبتال، 2019؛ العتيبي، 2019؛ القاضي والقحطاني، 2019).
فعلى الرغم من وجود اتفاق عام على أهمية دور الأسرة في تنفيذ مقتضيات قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة Individuals with Disabilities Education Act (IDEA, 2004)، ونظام رعاية المعاقين في المملكة (1421) الصادر بموجب المرسوم الملكي رقم (م/37) لحماية حقوق ذوي الإعاقة، إلا أن هناك العديد من الطلاب غير مستفيدين من خدمات هذه القوانين بسبب قلَّة معرفة الأسر بالحقوق التشريعية الخاصة بأبنائهم. لذلك تقدِّم هذه المقالة استعراضًا موجزًا لحقوق أولياء أمور الطلاب ذوي صعوبات التعلم عند المشاركة في تخطيط وتنفيذ وتقييم البرنامج التربوي الفردي (IEP) الخاص بالطلاب ذوي صعوبات التعلم.

أولًا: قرار الأهلية
يقع على عاتق الوالدين مسؤولية التأكد من أن ابنهم الذي لديه صعوبات في التعلم يتلقى الخدمات المناسبة، فالكثير منهم يجهلون التشريعات والقوانين التي تضمن حقوقهم وحقوق أبنائهم؛ مما أدى إلى عدم مطالبتهم بها وأخذهم موقف الضعف في كثير من المواقف (أبونيان والجلعود، 2016). ويشير Wakelin (2008) إلى أن العديد من الأبحاث تسعى لتوعية الآباء بحقوقهم وتشجيعهم على الدفاع عن أنفسهم وخصوصًا في جانب دحض قرار الأهلية، بمعنى أن للوالدين الحق في رفض نتيجة أهلية ابنهم لخدمات التربية الخاصة، ومن حقهم المطالبة بتقييم آخَر، والعكس صحيح، إذْ يحق لهم المطالبة بإعادة التقييم عندما يرون أن طفلهم بحاجة لمثل هذه الخدمات. وهذا ما تدعمه وزارة التعليم (2021أ)؛ وزارة التعليم (2021ب)، وزارة التعليم (2021ج) ضمن حقوق الأسرة، وهو إعادة تشخيص الطالب إذا رأت الأسرة ذلك بناء على تشخيصه السابق وفق اللوائح والأنظمة، وحصول الأسرة على نسخة من نتائج التشخيص والتقييم والبرنامج التربوي الفردي (IEP) والتقارير الخاصة بابنهم، والحصول على موافقة الأسرة لغرض التشخيص والتقييم وإعداد البرنامج وإقرار أي تعديلات تطرأ عليه في أثناء التنفيذ أو بعده، وكذلك في حالة إلغائه. وهنا نجد ضرورة اطِّلاع الأسرة على أبرز التشريعات والقوانين التي تُبرز حقوقهم وحقوق ابنهم بشكل صحيح.

ثانيًا: المشاركة في التخطيط
قبل البدء بتنفيذ البرنامج التربوي الفردي (IEP) لا بد أن يكون هناك تخطيط مسبق يتناسب مع احتياج الطالب، وهنا يتضح لنا دور الأسرة الجليّ في التخطيط، فلا يقتصر دورهم على إعطاء معلومات حول قدرات ابنهم ومشكلاته ونقاط قوته وتفضيلاته، بل يمتد إلى المشاركة في اختيار البديل التربوي المناسب له، وتوقعاتهم المستقبلية، ومخاوفهم تجاه مدى قدرة ابنهم على تخطي هذه الصعوبات Trainor, 2005)). وهنا تشير دراسة Wagner et al. (2017) إلى ضرورة إشراك الأسرة في المخطط التفصيلي للبرنامج وما يتضمنه من أهداف وغايات نهائية. ولا نغفل جانب حقوق الأسرة في المملكة من جانب أحقيتها في الحصول على شرح وافٍ للمعلومات عن الخدمات المقدَّمة من البرنامج، والمشاركة في اتخاذ القرارات المتعلقة بالطالب على جميع مستويات البرنامج (وزارة التعليم، 2021أ؛ وزارة التعليم 2021ب؛ وزارة التعليم، 2021ج).

ثالثًا: الدعم المجتمعي
حتى تتغلب الأسرة على مخاوفها لا بد أن تتلقى الدعم والمساعدة من قِبل الجهات المعنية ببرامج صعوبات التعلم كوزارة التعليم، وفيها يتم توعيتهم بما يمكن أن يقدموه ويتلقوه في نفس الوقت، وتبصيرهم بحقوق الطالب التي كفَلَتها اللوائح والأنظمة، كالمذكرة التفسيرية ولائحة تقويم الطالب (وزارة التعليم، 1443أ)، ومساندة الأسرة للتعامل الفاعل مع الطالب، وذلك بتقديم برامج الإرشاد الموجهة للأسرة، وبتوزيع نشرات إرشادية ميسرة تعين على فهم احتياجات الطالب. إلا أننا نرى عدم وجود هذه الخدمات؛ لعدم وجود تطبيق فِعلي للتشريعات في المملكة العربية السعودية (القاضي والقحطاني، 2019). لذلك نجد مشكلة الوعي بالبرامج والخدمات المسانِدة التي قد يحتاجونها كالإرشاد الأسري والتأهيل المجتمعي لا زالت قائمة. ومن جانب آخر أدى عدم تفعيل الخدمات المسانِدة فيما يتعلق بالبرامج والأنشطة التعليمية التي تقدَّم للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم إلى تثبيط عزيمة الوالدين؛ مما جعلهم غير مقتنعين بفاعلية دورهم في تعليم ابنهم (العتيبي، 2019).

رابعًا: تفعيل فريق العمل وحضور الاجتماعات الدورية
أشارت نتائج دراسة العتيبي (2019) إلى أنه لم تُتَح الفرصة لأولياء أمور الطلاب ذوي صعوبات التعلم بأن يكونوا أعضاء فاعلين. لذلك نجد ضرورة أن يكون الوالدان شركاء ليس فيما يخصُّ أبناءهم فقط، بل فيما يخصُّ برامج التربية الخاصة وخدماتها ككل. لذلك يوصَى بأن تكون هناك مرونة وثقة متبادلة بين أعضاء الفريق والأسرة بما يخدم الطالب والبرنامج التربوي الفردي (IEP). فمن حق الأسرة أن يتم دعوتها لحضور أي اجتماع لفريق العمل أثناء تنفيذ البرنامج، على أن تتم الدعوة بشكل رسمي قبل الاجتماع بأسبوع واحد على الأقل، مع مراعاة تذكيرهم قبلها بفترة وجيزة (وزارة التعليم، 2021أ؛ وزارة التعليم 2021ب؛ وزارة التعليم، 2021ج). وهذا يكفل استعداد الأسرة المسبق وتجهيز الأفكار والمعلومات التي يرغبون في مناقشتها. إلا أن الكثير من العاملين في التربية الخاصة يقومون بإكمال الخطة التربوية الفردية قبل الاجتماع لمناقشتها، وهذا يوحي للوالدين بأن الخطة معدة مسبقًا فالقرارات قد اتُخِذت؛ مما يؤدي إلى تثبيط المشاركة النشطة لهم (خير الله والقحطاني، 2017؛ جبرة والبتال، 2019). إضافة لذلك يدخل الكثير من المتخصصين الاجتماعات الخاصة بالبرنامج مفترضين بأن الأسرة لديها المعرفة والمهارة للمشاركة بشكل فعال، وهذا الافتراض غير صحيح، فلابد من التشاور معهم وإعدادهم لمثل هذه اللقاءات، على سبيل المثال: عن طريق إعداد ورقة مختصرة مكتوبة بلغة سهلة توضح تاريخ الاجتماع، وما يمكن أن تتوقعه الأسرة خلال الاجتماع، والبنود التي سوف يتم مناقشتها معهم Sarı, 2017) &Ilik ). لذلك لا بد من تفعيل مشاركة الأسرة في الاجتماعات وحثهم على إبداء وجهات نظرهم والاستعداد للاجتماعات من خلال كتابتهم للأسئلة المهمة، وقراءة المعلومات بشكل مسبق، وتقبُّل القرارات ومناقشتها مع أخذها بعين الاعتبار.

خامسًا: المشاركة في التقييم
من الاعتبارات الأخلاقية الصادرة من وزارة المعارف (1422) ولازال منصوصًا عليها في أدلة وزارة التعليم (2021أ)؛ وزارة التعليم (2021ب)، وزارة التعليم (2021ج) عند تقييم الطالب الذي لديه صعوبات في التعلم- التواصلُ الدائم مع الأسرة والعمل على إشراكهم في عملية القياس والتقييم، والحصول على إذن مسبق من الأسرة قبل الشروع في عملية القياس والتقييم، وتبليغ الأسرة بجميع ما سيتم القيام به، بالإضافة إلى مناقشة مشكلات الطالب، مع محاولة التوصل لحلول ملائمة معهم. فالمشاركة في التقييم تُعَد في مقدمة القضايا التي تواجه الأسر، فجودة البرنامج التربوي الفردي (IEP) تعتمد على الأخذ بتقييمات وآراء جميع أعضاء الفريق ومن بينهم الأسرة. لذلك يقع على عاتق المدارس مسؤولية إشراك الأسرة في التقييم وإجراء تقييمات سنوية مناسبة للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم وعدم الاكتفاء بإعطاء ردود الفعل عن أداء ابنهم خلال اجتماع نهاية السنة، فللوالدين الحق في أن يكون هناك أدوات تقييم متنوعة كمقياس أو استبانة عن البرنامج المقدَّم، ويبدأ هو بعرض وجهة نظره، ويقيَم البرنامج بناء على بنود واضحة وشاملة على كل خطوة قُدِّمَتْ لابنهم Myara, 2018)). لذلك لا بد أن يكون هناك تنوع في أدوات تقييم البرنامج، وعدم الاكتفاء بالتقييم الشفهي الصادر عن الاجتماعات.

سادسًا: التعليم عن بعد
أنشأت وزارة التعليم خلال جائحة كورونا (كوفيد – 19) منصة إلكترونية (مدرستي) لإدارة ومراقبة عملية التعليم بما يتوافق مع متطلبات الوقت الراهن والمستقبل. وكانت الأسرة محط اهتمام الجهات المعنية في ضمان حقوقها وتطبيق اللوائح التي تضمن استمرار مشاركتها وتفعيل دورها بالشكل الصحيح، بداية من حق اختيار وتحديد طريقة التعليم لابنهم الذي لديه صعوبات في التعلم (حضوريًا – منصة مدرستي مع قناة عين)، وتنظيم اللقاءات الافتراضية / الحضورية مع منسوبي المدرسة لإنجاز وتيسير التهيئة والتخطيط للأعمال، والاجتماع مع لجنة القبول والأهلية ولجنة الخطط التعليمية للتأكد من اختيار الأساليب والطرق الملائمة لتقييم ابنهم، والمشاركة في اعتماد الخطة التربوية الفردية، وتزويدهم بالإجراءات والموارد اللازمة لتحقيق أقصى استفادة، والحصول على التدريب الخاص بولي الأمر والأدلة الإرشادية إما عن طريق نظام إدارة التعلم المتوفر على منصة العودة للمدارس أو من خلال التواصل مع قائد المدرسة، وانتهاءً بالاطلاع على تحقق الأهداف الفردية ومستوى التحصيل الدراسي (وزارة التعليم، 1443ب، وزارة التعليم 1443ج).
قدَّمت هذه المقالة نبذه عن حقوق أولياء أمور الطلاب ذوي صعوبات التعلم عند المشاركة في البرنامج التربوي الفردي (IEP) من جانب قرار الأهلية، المشاركة في التخطيط، الدعم المجتمعي، تفعيل فريق العمل والاجتماعات الدورية، والمشاركة في التقييم، والتعليم عن بعد؛ لتبصيرهم بها وزيادة وعيهم كأعضاء أساسيين في فريق العمل.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تـابعنـا على

التصنيفات

Twitter feed is not available at the moment.