العادات الدراسية لذوي صعوبات التعلم
اعداد : نفلاء بنت علي القاضي
تُعد المرحلة الابتدائيَّة هي اللبنة الأولى لبناء الاتجاهات نحو المدرسة، واكتساب المهارات الدراسيَّة لتنمو فيها استعداداتهم وقدراتهم، كما أن هذه المرحلة- وما بعدها- تمثِّل سلسلة من المواقف التعليميَّة التي تختلف في درجة بساطتها وتعقيدها من مجرَّد ملاحظة لموقف، إلى قراءة لمعلومة، وتخزينها، والقدرة على استرجاعها، والتي تُسهم في تحسين مستوى الفرد إن تمكَّن من معرفة المهارات الجيدة للاستذكار.
إن تشتت الانتباه هو أكثر ما يتَّسم به طلاب صعوبات التعلُّم، ويتسمون كذلك باضطراب الذاكرة بنوعيها، قصيرة المدى وطويلة المدى، وتدنّي مهارات التفكير، ويحتاج الطلاب في هذه الحالة إلى معرفة أهمِّ مهارات الاستذكار الجيد المناسب لطبيعتهم، وتطبيقها عمليًّا، ومعرفة العادات الدراسيَّة الخاطئة وتجنُّبها.
والعادات الدراسيَّة ليست مرادفًا للتعلُّم، ولكنها مفهوم واسع يحتوي على مجموعة الأنماط السلوكيَّة المنظِّمة الموجهة لتحقيق الأهداف الدراسيَّة والتعليميَّة، كما تساعد هذه المهارات والعادات على النواحي التوجيهيَّة، وزيادة الدافعيَّة التي تساعد المتعلِّم على تحسين عمليَّة التعلُّم (صالح، وإبراهيم، 2005، 3).
ولقد تزايد اهتمام الباحثين والمختصِّين بالعادات الدراسيَّة، منذ العقد الثاني من القرن العشرين، وتزايد معه ظهور العديد من المفاهيم والمسميات التي تحمل معنى العادات الدراسيَّة ومضمونها، وقد ظهر من بين تلك المفاهيم مفهوم مهارات التعلُّم، وأساليب الاستذكار، وأساليب معالجة المعلومات، وأساليب التعلُّم، والعادات الدراسيَّة، وقد أثبت هذا المفهوم فاعليته في التحصيل الدراسي الذي تهدف إليه عمليَّة التعلُّم (الخفاف، 2015، 25).
وإنه على الرغم من اختلاف وجهات نظر الباحثين في ماهيَّة العادات الدراسيَّة ومهاراتها، إلا أنهم يتَّفقون على أهميَّة هذه العادات في الجوانب التالية، كما ذكرها القرني (2018).
- مقاومة مشكلة النسيان، والاحتفاظ بالمعلومات في الذاكرة لفترة زمنيَّة أطول.
- سرعة تذكُّر المعلومات واستدعائها عند الحاجة.
- التقليل من مستوى قلق الامتحان لدى التلاميذ.
- رفع مستوى الثقة بالنفس، والاتجاه الإيجابي نحو المواد الدراسيَّة المختلفة، ومن ناحية أخرى نحو المعلِّم والمدرسة.
- تحقيق النجاح الأكاديمي، ومن ثمَّ الشعور بالرضا النفسي؛ لما يعكسه ذلك من أثر إيجابي في تحصيل التلاميذ، والذي يقيس مدى اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة بأبسط الطرق الممكنة.
كما اهتمَّ الباحثون بدراسة العوامل المؤثرة في العادات الدراسيَّة لذوي صعوبات التعلُّم، ومعرفة سبب تدنِّي التحصيل الدراسي، رغم تمكُّن الطلبة من التجاوب مع المعلِّم أثناء الجلسة التدريسيَّة، إلا أن إخفاقاتهم في الاختبارات أصبحت ظاهرة شائعة.
فما العوامل المؤثرة في التحصيل الأكاديمي؟
هناك أمور خارجة عن إرادة الطالب، وتؤثر في تحصيله الدراسي، منها: عدم توافر الإمكانات اللازمة لتحسين مخرجات التعليم، كالوسائل التعليميَّة المناسبة، واقتصار الأسلوب النظري في التدريس، وندرة المعلِّمين المؤهلين تربويًّا ونفسيًّا للتعامل مع الطلاب، كما تلعب الأسرة دورًا في خفض التحصيل الدراسي، وذلك بالأسلوب الخاطئ في التدريس القائم على الزجر والضرب، وحبس التلميذ وقتًا طويلًا للمذاكرة قبل الامتحان، ولكن بدون نتيجة مُرضية.
وفي المقابل هناك عوامل تؤثر في التحصيل الدراسي تتعلَّق بالطالب، منها:
تدنِّي مستوى الدافعيَّة، وصعوبة التذكُر، وقلق الامتحان الناتج عن مشكلات نفسيَّة كالحزن أو الخلافات الأسريَّة، أو الخلاف مع الزملاء، والخوف من الفشل، والانسحاب، وعدم الحصول على التعزيز اللازم لاستمراريَّة وتثبيت التعليم (العمايرة، 2002، ص206).
ولكن يبقى السؤال المهم: ما العادات الدراسيَّة الخاطئة التي يُمارسها ذوو صعوبات التعلُّم؟
هناك عادات غير جيدة يتَّصف بها التلاميذ منخفضو التحصيل، يذكر بيلي وأونجبوزي (2001)Bailey and Onwuegbuzie (2001) بعضًا من هذه العادات غير الصحيحة، ومنها:
- يكتب التلاميذ في مدوَّناتهم في أغلب الأحيان الكثير من المعلومات غير ذات الصلة، أو غير المهمة.
- لا يطلبون المساعدة من مدرسيهم عند مواجهة صعوبة في أحد الدروس.
- يتجاهلون كتبهم في الفصل.
- يحرصون أن يكونوا في مزاج جيد قبل محاولة المذاكرة.
- يميلون للرسم العابث أو أحلام اليقظة وقت المذاكرة.
- لا يبحثون عن معنى الكلمة التي لم يفهموها.
لخلق عادات دراسيَّة جيدة؛ يجب توفر ثلاثة عناصر: المعرفة، والمهارة، والدافعيَّة، والمقصود بالمعرفة هنا الوعي بما يجب أن تفعل ولماذا؟ أما المهارة معرفة الكيفيَّة التي تعمل بها، والدافعيَّة هي مدى رغبة الفرد لإنجاز عمل معيَّن، ولزيادة الدافعيَّة يلزم “وجود قدوة”، فعندما يرى التلميذ نموذجًا ناجحًا سيسعى لتقليده.
وقد يعتقد البعض أن قضاء وقت طويل في القراءة يُعدُّ أسلوبًا صحيحًا للمذاكرة، بل على العكس تمامًا قد يقرأ التلميذ عددًا من الصفحات، وهو لا يفهم محتواها، ولم يُحدِّد وقتًا معينًا للمذاكرة، ولا يستخدم جدولًا أو خرائط مفاهيميَّة تلخص ما قرأ، علاوةً على ذلك يصعب تذكر المعلومات المقروءة بدون استخدام أي مما سبق.
هناك عدد من المهارات على المعلم تنبيه الأسرة لها، ومشاركة المرشد الطلابي لتدريب التلاميذ عليها، يذكرها سليمان (2005، 89-90)، وهي: مهارة تحديد الأهداف، ومهارة الاستفادة من الحصة، ومهارة ترشيد قلق الدِّراسَة، ومهارة التنظيم، ومهارة القراءة، ومهارة الاستماع، ومهارة أخذ المذكرات وكتابة الملخَّصات، ومهارة التخطيط، ومهارة التلخيص، ومهارة الكتابة، ومهارة التساؤل، ومهارة أداء الواجب، ومهارة تحسين الذاكرة، ومهارة استخدام المكتبة، ومهارة التركيز، ومهارات الامتحانات، وتشمل: (مهارة المراجعة، ومهارة الاستعداد للامتحان، ومهارة أداء الامتحان، وأخيرًا مهارة الإجابة).
والكثير من التلاميذ يعانون من مشكلة نسيان المعلومات، وصعوبة استرجاعها، ولمعالجة هذه المشكلة هناك عدَّة طرق ذكرها زايد (2005).
أن يكون لدى التلميذ الشعور بالنشاط والراحة، ويكون في حالة صحيَّة ونفسيَّة جيدة، وألا يكون لديه قلق من شيء ما، أو مشتَّت الفكر.
أن يكون الجوُّ هادئًا، وأن نُركِّز في موضوع الدِّراسَة على ربط المعلومات الجديدة بما سبق جمعه، ومقارنتها ببعضها، وتلخيصها.
يجب أن يتبع الاستذكار مباشرة الحفظ والتسميع، أو التطبيقات العمليَّة على الدروس، كحلِّ المسائل بعد الشرح، ووضع أسئلة على ما نستذكر، ثم الإجابة عنها.
إذا كانت المادة صعبة الفهم، يجب أن يسترجع ما حفظه بعد كلِّ عدد من الجمل التي لها معنى مرتبط، بعد كلِّ جزء من أجزاء القطعة، حتى يأخذ الوحدة كاملة، أي يُقسِّم المادة لجزئيات، ويحاول التركيز فيها، وحفظها أولًا بأول ليمكن استيعابها (زايد، 2005).
ختامًا:
في ظل تغيير النظرة للتعليم من الطُرق القديمة كالتلقين والتكرار إلى تعليم التلاميذ كيف يبحثون عن المعلومة بأنفسهم ويسعون إلى تطويرها فقد أصبحوا بحاجة إلى تعلُّم مهارات استذكار يُسايرون فيها التطوُّر فمن الأحرى توجيه المعلم والمرشد الطلابي والأسرة لتدريب التلاميذ على هذه المهارات.