نظرية العقل لذوي اضطراب طيف التوحد

نظرية العقل لذوي اضطراب طيف التوحد
د. أروى بنت علي أخضر

تكمن صعوبة فهم حالة التوحد من صعوبة فهم ما يدور في عقولهم ، وفهمهم للأشياء من حولهم ، فإذا هو اضطراب نمائي عصبي هذا يعني أن قدرتهم على الانتباه والتركيز، وفهمهم للتصورات والمفاهيم والترتيب وتسلسل الأحداث والتصورات تكون مختلفة.

كما أن لديهم صعوبة في معالجة المدخلات الحسية واستيعابها ، بمعنى أنهم يرون الأشياء  ويسمعونها ويشموها ويتذوقوها ويشعرون بها بشكل مختلف، وأن فهم الطفل من ذوي اضطراب طيف التوحد للعالم من حوله يظل خاص ومختلف؛ لذا فإن معرفة وفهم التوحد أمر في غاية التعقيد كون أن الحالات تبقى غير متجانسة، وكل حالة فريدة من نوعها في فهم ما يدور من حولهم.

كما أن الكثير منهم يتمتعون بالموهبة الخارقة في جانب معين كالحساب أو العد أو حل المسائل الرياضية المعقدة على سبيل المثال ، ولكنهم في ذات الوقت قد لا يتمكنون من ربطها بالوقت، فهذا الاضطراب في الجوانب المعرفية هو ما يميز ذوي التوحد. ومن هذه الصعوبات المعرفية التي تُعد من أبرز خصائصهم (صعوبة الانتباه المشترك، صعوبة في فهم الرموز أو فهم المقاصد المشتركة، أو تعميم الأشياء … وكل ذلك ناتج من طريقة معالجتهم للمعلومات وطريقة تفكيرهم المختلفة، مما جعل بعض الدراسات تؤكد وجود شذوذ في وظيفة تركيب الدماغ لدى الأشخاص ذوي اضطراب التوحد .

وقد ساهمت النظرية المعرفية في ظهور نظرية العقل Theory of Mind حيث فسرت حدوث اضطراب التوحد بأسباب نفسية معرفية تتعلق بعدم اكتمال نمو الأفكار بشكل يواكب النمو الطبيعي للنظم المعرفية التي تنمو بتوافقية طبيعية مع هذه الأفكار، أي أن طفل التوحد عاجز عن جمع المعلومات لكي يستنتج أفكارا مترابطة منطقية وذات معنى، كما أنه يعاني من عدم فهم سلوكيات الآخرين أو تفسير سلوكياتهم أو التنبؤ بما يحملونه من معتقدات ومشاعر ونوايا ورغبات كونها موجودات خفية وغير ملموسة ولا تتم ملاحظتها بشكل مباشر وجميعها ترتبط بمهارة قراءة العقل .

وعلى الرغم من كل تلك الصعوبات المعرفية التي لا نستطيع على الأغلب تفسيرها أو فهم أسباب وطريقة حدوثها ، إلا أن ذوي اضطراب التوحد قادرون على التعلم حتى في غياب الفهم وخصوصاً مع المعارف الظاهرة ، أو ما يرتبط منها بالمفاهيم البصرية.

وعلى الأسر والمختصيين والمهنيين تكثيف الجهود لفهم حالة التوحد حتى يتمكنوا من تفسير فهمهم للأمور والأحداث من حولهم كي يجدوا السبل الملائمة للولوج إلى عقولهم ومقاصدهم عند التفكير، كما يمكن تدريب الأطفال على فهم نوايا ومقاصد الآخرين حتى يتمكنوا من تحقيق التفاعل الاجتماعي المناسب وفقاً لنظرية العقل.

Baron-Cohen,Simon,Leslie,Alan,Frith,Uta (1985).Does the autistic child have a “theory of mind”. Cognition, 21 (1985)37-46 .AT https://cutt.us/KOfa7

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تـابعنـا على

التصنيفات

Twitter feed is not available at the moment.