فنيات المرشد المبصر


فنيات المرشد المبصر

تقديم: أنور حسين النصار

 

في أول زيارة قمت بها إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1981 م، تعرفت فيها على فنيات المرشد المبصر، وذلك عندما كنت في الطائرة، حيث طلبت من المضيف الأمريكي إرشادي إلى الحمام، وبكل لطف، حياني وطلب مني الإمساك بمرفق يده الممدودة خلف ظهره، قادني بين مقاعد الطائرة بكل سهولة ويسر حتى أوصلني إلى مطلبي.

وبعد وصول الرحلة إلى مطار نيويورك، استقبلني أحد موظفي خدمات المعوقين بالمطار، ليرشدني إلى قسم الجمارك والجوازات، طلب مني بعد التحية أن أمسك بذراعه من فوق الكوع، وبدأ يقودني بكل سهولة ويسر داخل صالة المطار وبين المسافرين.

أدركت في حينها، أن فنيات المرشد المبصر هي من أهم مهارات التنقل الآمن التي ينبغي أن يدرب عليها المكفوفون، لكونها مهارة مطلوبة للتنقل في البيئات الجديدة، فبها يتم الاعتماد على شخص آخر، الأمر الذي أدى بالباحثين في مجال الحركة والتنقل إلى وضع مجموعة من الاعتبارات التي ينبغي للمرشد المبصر الأخذ بها عند رغبته السير مع شخص ذو إعاقة بصرية.

وقبل الانتقال إلى الاعتبارات، ينبغي عرض بعض الأخطاء التي يجب تجنبها للحصول على تحرك آمن بين الكفيف والمرشد:

– لاحظ في (الشكل 1) أن المرشد المبصر يقبض بكف الكفيف ويسير معه وهذه الحركة

فيها خطورة على الاثنين حيث تصعب السيطرة على الكفيف عند تعثره بأي شيء على

الأرض واختلال توازنه، كما أنها تجعل المرشد المبصر متقدما في حركته على الكفيف وهي حركة غير لائقة لما فيها من سحب للكفيف.

– في (الشكل 2) يلاحظ أن المبصر يمسك بذراع الكفيف من الخلف وهي حركة لا  تقل خطورة عن سابقتها.

– في (الشكل 3) عند المرور في الأماكن الضيقة يصعب على المرشد المبصر التحرك إلى الوراء ملتفتاً إذ أن هذه الحركة قد تعرضه للسقوط على الأرض إذا ما تعثر في مشيته.

– في (الشكل 4) إن هذه الحركة في تنقل المرشد المبصر مع الكفيف مقبولة في عالمنا العربي ولكنها تتطلب أن يسير الاثنان في مكان آمن ومألوف.ومن هنا ينبغي للمرشد

المبصر معرفة أسهل المهارات للتواصل مع الكفيف في الحركة والتنقل:

بداية التواصل مع الكفيف: 

عند مصادفة شخص كفيف، ينبغي على المرشد تقديم نفسه أولًا، ثم يعرض المساعدة، ويتجنب مسك يد الكفيف حتى يأذن بذلك، فإذا وافق على العرض بالمساعدة، يتم مد إحدى الذراعين، مصاحبًا بتوجيه لفظي (من فضلك، امسك بذراعي).

طريقة القبضة:

يمسك الكفيف بذراع المرشد المبصر من أعلى الكوع، إذا كان طويلًا، تكون أصابع اليد    الأربعة، محاذية بجسم المرشد المبصر، ويكون الإبهام حول الذراع من خارج الجسم.

ينبغي أن تكون القبضة بشكل جيد أثناء المشي، ليبقى الكفيف على صلة دائمة مع المرشد، وعلى المرشد أن يخبر الكفيف بزيادة القبضة أو تخفيفها حسب ظروف المكان.

إن من ميزات هذه القبضة، أنها تعطيه مرونة وحرية في حركة ذراعه ويده، كما أن حركة جسم المرشد في الصعود والنزول، تقدم للكفيف تنبيهًا يتمكن من خلاله تثبيت حركته والمشي باتزان.

طريقة القبضة للأطفال:

إن فنيات القبضة الصحيحة، تتطلب من الطفل رفع يده إلى كوع المرشد وهي بلا شك مهمة صعبة على الطفل، لذا فتكون القبضة المناسبة للطفل، بأن يمسك بإصبع، أو معصم، أو ساعد المرشد المبصر.

مهارة القبضة الداعمة:

قد يعاني بعض المكفوفين من ضعف في البنية الجسدية أو من اختلال في التوازن، مما يجعل إتباعهم لفنيات القبضة الصحيحة لذراع المرشد من الأمور الصعبة، لذا فيمكن للكفيف مسك ذراع المرشد المبصر بيديه الاثنتين، تمنحه هذه الطريقة فرصة الاستناد على جسم المرشد عند الضرورة، ولضمان ثبات حركة الكفيف بهذه المهارة، يتم تقليل سرعة حركة المشي، وتقريب المسافة بين الخطوات.

شكل الذراع أثناء القبضة:

على الكفيف بعد إمساكه بذراع المرشد المبصر التأخر قليلًا بحيث يكون مفصل كوعه يساوي زاوية قائمة مقدارها 90 درجة، ويكون الذراع قريبًا من جسمه.

إن هذه القبضة تجعل الكفيف يسير نصف خطوة متأخرًا عن المرشد المبصر.

الاستعداد للجلوس:

إن أفضل طريقة لإرشاد الكفيف للجلوس على المقعد، تكون: بالاتجاه إلى ظهر المقعد، يتم اخبار الكفيف بجهة ظهر المقعد ومكان المقعد، يضع المرشد المبصر ذراعه على ظهر أو ذراع المقعد، ومن ثم يطلب من الكفيف أن ينساب بيده باتجاه كف المرشد حتى تصل إلى المقعد، ثم يطلب من الكفيف التخلص من ذراع المرشد.

كما توجد طريقة أخرى وهي، بأن يقترب المرشد المبصر من مقدمة المقعد، يقترب حتى تلمس ركبتي الكفيف بحافة المقعد، يصاحب ذلك توجيهًا لفظيًا.

وفي الطريقتين، يجب على الكفيف:

– مسح قاعدة المقعد بيده الحرة قبل الجلوس.

– يقوم الكفيف بإجلاس نفسه.

– النهوض باستقلالية من المقعد، ومن ثم تقدم له فنيات المرشد المبصر.

السير في الأماكن الضيقة:

عند الوصول إلى منطقة ضيقة أو محددة كالممرات، يقوم المرشد بمد ذراعه خلف ظهره، أو أن يجعل ذراعه مثنية خلف ظهره على شكل زاوية قائمة، بحيث تكون راحة اليد متجهة إلى الخارج، يقوم الكفيف بمد ذراعه باتجاه منتصف ساعد المرشد خلف ظهره، إن مد الكفيف لذراعه بشكل مستقيم خلف المرشد المبصر، تمنحه فرصة الابتعاد عن الاحتكاك بقدمي المرشد أثناء المشي، ويشترط في هذه الحالة، أن تكون حركة المرشد بطيئة الخطوات، وبعد انتهاء الممر الضيق، يعود الاثنان إلى السير بشكل طبيعي كما هو متبع.

أثناء المرور من الأبواب:

عند المرور من الأبواب يمكن اتباع الخطوات التالية:

– يقف المرشد أمام مكان فتح الباب.

– يضع المرشد يده على مقبض الباب.

– يقوم الكفيف بمد يده الحرة على ذراع المرشد باتجاه مقبض الباب.

– يقوم الكفيف بفتح الباب.

ولعل السبب في جعل الكفيف هو من يقوم بفتح الباب، أن قيام المرشد المبصر بفتح الباب قد يعرقل حركتهما.

صعود ونزول الدرج:

من المهم جدًا إخبار الكفيف قبل متر على الأقل من الوصول إلى الدرج وحالته في الصعود أو النزول، وهنا ينبغي على المرشد الاقتراب من سياج الدرج ليمكن الكفيف من الإمساك به بيده الحرة مع أفضلية أن تكون يد الكفيف الأخرى مستمرة في القبض على ذراع المرشد، وفي كل حالات الوصول إلى الدرج ينبغي على المرشد إلى جانب التنبيه اللفظي، إعطاء الكفيف إشارة جسدية عبارة عن الوقوف للحظة أمام العتبة الأولى قبل الصعود أو النزول، وبعد الانتهاء.

يتقدم المرشد المبصر على الكفيف في صعود أو نزول الدرج خطوة واحدة مقدارها عتبة.

إن إتقان فنيات المرشد المبصر من طرق التحرك المريحة والآمنة إذا ما طبقت بشكل سليم من قبل المرشد المبصر والكفيف.

فضلا شاركنا برأيك حول المقال

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تـابعنـا على

التصنيفات

Twitter feed is not available at the moment.